أما " سمعان " فقد ذهب بعيدًا ..
وبعيدًا جدًا ،
فى أماكن لا يعرفه فيها أحد .
وركب البحار والسفن أجيرًا ،
وخادمًا عند كبار التجار ،
فتعلم منهم الكثير
وفطن إلى ما يعملون !
إن الأمر صار معروفا لديه تمامًا.
فما يقوم التاجر من هؤلاء إلا أن يشترى بضاعة من بلد تكثر بها هذه السلعة ،
فيشتريها بأسعار زهيدة .
ثم يأخذها التاجر ويذهب إلى بلد أخرى يندر فيها وجود هذه السلعة ،
فيبيعها بأعلى الأسعار .
وبين فرق الأسعار هنا وهناك ،
يُكَوِنُ التاجرُ ثروته .
فألهمه الله أن يدخر مبلغًا ،
من الأموال التى تخرج له من عمله كأجير .
ومع الأيام ..
وبمرور الوقت ..
صار لدى "سمعان" مبلغًا لا بأس به ،
لأن يبدأ به ،
فاشترى تجارة بسيطة
ثم أخذها ونقلها من بلد إلى أخرى ..
وكان سمعان يرى ذلك بعينيه كثيرًا ،
لكنه حين فعل ذلك وجربه بنفسه
فوجئ بالأموال الطائلة التى يجنيها من هذا العمل ،
فاغتنى وكثر ماله .
وأراد الله به أمرًا ،
فنجحت تجارته ،
وتوالت الأيام وهو يزداد نجاحًا إلى نجاحه ،
وصار معروفًا فى معظم البلاد الذى يتردد عليها كتاجر من أعظم التجار.
يتمنى التجار أن يتعاملون معه ، يبيعونه أنواعًا من البضاعة ،
ويشترون منه أنواعًا أخرى.
وعُرف بأمانته وصدقه .
وفى أثناء ذلك كان سمعان يرى من عجائب خلق الله ما يرى .
لكنه أبدا لم يرى أعجب من حديث الرجل الغريب له ،
وكان يحن إلى بلده ومسقط رأسه ..
ويمنعه الماضى أن يرجع ..
وجذبه الحنين إلى بلده ..
وهذا أمر غرسه الله تعالى فى كل إنسان ،
أن يحن إلى البلد الذى نشأ فيه ..
ودار هذا الحوار فى نفسه :
إلى متى أيها الرجل تعيش هاربا بعيدًا عن أوطانك
لقد مر ما يزيد عن عشرين عاما على الرحيل ؟
وهنا هداه تفكيره إلى أن يرجع متخفيًا فى صورة تاجر كبير ..