مرَّ على زواجهما أكثر من ثلاث سنوات. مثل معظم العلاقات الزوجية، لم يكن هناك شيء غير عادي بينهما، حب متبادل، تفاهم على معظم الأمور، وحياة تسير بشكل طبيعي، ولا تخلو من بعض المنغصات الطارئة .
في الآونة الأخيرة، بدأ يعلو لغط وهمس، حول حياة أحمد وأمل، ضمن دائرة الاقارب، إذ لم يرزقا بأطفال إلى الآن.
أمل أكثر قلقا من أحمد، ليس لأنها أكثر لهفة منه على الأطفال، بل لأن الضغوط النفسية من الآخرين، تتوجه إليها أكثر.
من المسئول عن هذا الوضع ؟ لا أحد يعلم..
هل المشكلة في أحمد أم أمل؟ لا أحد يدري .
لكنها طبيعة مجتمعنا، التي دائما تتوجه باللوم للمرأة، دونما دليل ظاهر.
كثر الكلام : لماذا لا يتزوج أحمد..؟ هل عليه أن (يضيع) شبابه مع هذه المرأة..؟
لم يطرح أحد السؤال الآخر: هل أحمد هو السبب؟ وهل على أمل أن تبقى معه، و(تضيع) شبابها..؟
زار أحمد وأمل كثيراً من عيادات العقم والإخصاب، للكشف عن حالة أمل. كل الفحوصات أظهرت أنها سليمة، أو على الأقل ليس هناك سبب ظاهر يمنعها من الحمل والإنجاب.
أحمد لم يكن يعرض نفسه، وأمل لم تكن تناقشه في هذا الأمر، ولم تفكر حتى أن تسأله سؤالا حول الموضوع نفسه، أو أن تطلب منه أن يعرض نفسه على الأطباء، مثلها . أحمد شاب مثقف ومتدين، ويرفض كثيرا من مسلمات المجتمع الخاطئة. هل يساير في هذا الأمر أهله ومجتمعه، في أن الحق على المرأة، وأن فحولته فوق الشبهات..؟ لم يحدث مرة، أن دخلا في حوار حول هذه القضية. كثيراً ما يقول، حينما يثير معه بعض الأقارب الموضوع:
- المقدر كائن ، ونحن نرضى بقضاء ربنا كيفما كان.
في إحدى زياراتها لأهلها ، فاتحتها أمها بالموضع , فبينت أمل أن الفحوصات لم تظهر لديها أي مشكلة قالت أمها :
- ألا يكون هو السبب؟
لم ترد أمل. فقالت الأم:
- هل تحبينه؟ فأكدت ذلك.
- إذن لماذا لا تطلبين منه أن يفحص نفسه، ويطلب العلاج؟
- هل تظنيني قادرة على أن أجرحه بهذا العمق، وهو الذي بكى من أجلي مرة، حينما جرحت شعوري إحدى أخواته، في واحد من النقاشات العابرة؟!
اليوم على الغداء، قال لها، على غير عادته، بصوت مشوب بالحزن :
- أمل .. لدى رغبة في أن نسافر معاً..
ولأن الوقت ليس وقت إجازات رسمية، فقد فاجأها الاقتراح، لكنها لم تمانع، خاصة وأنها أحست في سؤاله شيئًا من الرجاء. جهزت أغراضهما، وبعد يومين كانا مسافرين في رحلة ستشمل عدة مدن. كان مخطط الرحلة يتضمن زيارة البيت العتيق، وتأدية مناسك العمرة، والتوجه، بعد ذلك إلى مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والصلاة في مسجده والسلام عليه، كآخر محطة قبل العودة إلى مقر إقامتهما.