نعلم عادة أن كل ماتلاحقه أعيننا يسجل تلقائيا بذاكرتنا، دون شعور منا ودون قصد، وعندها يكون الخيار أمامنا بأيدينا بين ابقاء تلك اللحظات بداخلنا أو طرحها خارجا بإرادتنا، لأنها ببساطة لم تستحق البقاء أو لم تمس شيئا فينا، وربما لم تكن على القدر الذى يؤهلها لحجز مقعدا دائما بأذهاننا.
فكرت كثيرا قبل كتابة تلك الأسطر فى العديد من اللحظات التى تمر علينا وتحرك بنا شيئا، قد نكون افتقدناه أو بحثنا عنه، وأحيانا يكون ذلك الشىء هو نقطة تحول فى حياة أحدا منا، لتغير بعضا من تفاصيله الخاصة للأفضل أو للأسوأ، وما أكثر تلك اللحظات والمشاهد التى تلاحقها أعيننا يوميا وترتبط بها وربما من أبرزها مشاهد السينما .
للسينما دور مؤثر فى حياة الواحد منا، لايمكن اقتصاره على مجرد فيلما يأخذ من وقتنا 120 دقيقة، بل يمتد ذلك الدور إلى حد التأثير ، ولايمكننى شمل ذلك المفهوم إلى كل الأفلام بل بعضها، والذي أثر بتاريخ السينما بالطبع.. فما بالك بتأثيرة بحياتنا..! فصناع السينما يجتهدون ويبذلون مابوسعهم ليس فقط لإخراج فيلما يستحق المشاهدة، بل لإخراج مايستحق البقاء، وهم يدركون تمام الإدراك أن مايقدمونة ليس مجرد قصة فيلم، بل يرونها كعدة مقاطع سيصبح كلا منها ذكرى أو حتى تفصيلة صغيرة فى حياة واحدا من ملايين، وقد حاولت مع نفسى تذكر معظم الأفلام التى تعلقت بها، لم أجد سببا لهذا التعلق والحب، سوى أنها اقتربت منى.. بعدة طرق.
فأفلام الجريمة مثلا، نجدها تؤثر بالمجتمع أحيانا فى اكتشاف مجرمين قاموا بإرتكاب جريمتهم كما حدث بفيلم معين، ونسمع عن أحد الأشخاص الذى لم يكن يؤمن بالحب وفجأة أصبح عاشقا ويبتكر أكثر من طريقة للتعبير عن حبه، أو شخصا نجده يدافع بحماس وبراعة عن شخصا آخر حتى لو لم يكن يعرفه، فلربما ذلك الشخص اعتاد فى طفولتة مشاهدة أفلام سوبرمان أو سبايدرمان ولأننا لسنا بزمن الخارقين، فكان الدفاع تأثرا مصغرا من القفز وانقاذ المظلومين، وهناك من يتمتع بشخصية تهوى الشر أو المقالب فيتجه اعجابة دون قصد بشخصية البطل الشرير أو الظالم، وقد تعرف صديقا يشتهر بمتابعتة لأحدث صيحات الموضة ومهما حدث تجد أناقتة لايمسها شيء، ذلك غالبا يفضل الأعجاب بأفلام البطل المتأنق أو شباب الجامعة خاصة الذين يظهرهم المخرجون بالسيارات الفارهة ويصطحبون معهم الفتاة الأشهر بالمجموعة.
ومهما اختلفت الأفلام، يظل جزءا منا يتعلق بما يشابهه بأحدها، وتظل للسينما ذلك التأثير الساحر الذى قد تفشل أمامه نصائح أو عبارات أحدهم لتغييرك، رغم اقتناعنا بأنها قصة وهمية، إلا أن يبقى الخيال بأذهاننا واقعا.
أيضا كل صفحة من الصفحات القادمة بالمجلة، قدم كتابها بكل سعادة أقصى مالديهم، لجعلها باقية بأذهانكم وليست مجرد أسطر، آملين أن تظل كلماتنا جزءا يصحبكم دائما ويؤثر بكم للأفضل.